﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾
 
 

 تعدد الزوجات ووعود الحب 

القسم : متفرقات دينية   ||   التاريخ : 2025 / 05 / 01   ||   القرّاء : 45

🔴 تعدُّد الزوجات ووعود الحبِّ 

 نعم، يجوزُ الزواجُ المتعدِّدُ، وعليه احتشدتِ الأدلَّةُ، ولكنْ هاك أيُّها الرجلُ وجهةَ نظرٍ أدعوكَ إلى التأمُّلِ بها.

 إنَّك إنْ بَيَّتَّ نيَّةَ التعدُّدِ، وشمَّرتَ ناحيةَ التجدُّدِ، فلا تزوجَنَّ امرأةً زيجةَ العشَّاقِ أوَّلًا، وتَنسجنَّ لها القصائدَ مؤمِّلًا، أنَّها ستكونُ نجمتكَ الوحيدةَ، وقِبلتكَ الفريدةَ، وتخبرُها بأنَّك ترى العالمَ مِنْ شُبَّاكِ عينيها، وتسمعُ ماضيكَ وآتيكَ مِنْ كَلْمِ شفتيها، وأنَّها حَوَتْ قلبكَ وهي فيه، لتسألَها: كيف حَوَيْتِ الذي حَوَاكِ؟! ثم تقضي أيامًا وليالي لا تنفكُّ تطربُها بأنغامِ المحبَّةِ والهيامِ، ولا تفترُ تدفئُها بنظراتِ التعلُّقِ ووعودِ الوئامِ؛ لأنَّك إنْ فعلتَ، لم يحلَّ منكَ بعدَ كلِّ ذلك أنْ تُثَنِّي، ولا ضرورةَ تُنصفكَ، ولا طارئَ يُعذِركَ، ولا رجولةَ تُبرِّئكَ، فليستِ الرجولةُ أنْ تأخذَ حقَّكَ كيفما كان، وإنَّما الرجولةُ أنْ تفيَ بوعدِك مهما كان.

 

 ثمَّ اعلمْ أنَّ زيجةَ الصالوناتِ تختلفُ عَنْ زيجةِ روميو وجولياتَ؛ لأنَّك في الأُولى لم تعشقْ ولم تَعِدْ، وفي الثانيةِ عشقتَ ووعدتَ، فاستعدْ لتوصيفِ الخيانةِ يصفعكَ، يحيطُ وجهكَ ويفضحُكَ؛ فصحيحٌ أنَّك لم تزنِ، ولكنَّك خنتَ الوعودَ بفعلتِك، وكسرتَ قلبًا مفعمًا بخيالٍ نسجتَه بمحبكِك.

 

فاتقِ اللّٰهَ في المرأةِ أيُّها الرجلُ! ولا تَوَهَمَنَّ أنَّ وجهةَ النظرِ هذه بعيدةٌ عَنْ الشريعةِ، فأعوذُ باللّٰهِ أنْ أكونَ شاربًا مِنْ غيرِ شريعةٍ، بل إنَّها نفسَها التي أعطتكَ حقَّ التعدُّدِ، كرهتْ أنْ تخلفَ وعدًا؛ كما وردَ في حسنةِ هشامِ بنِ سالمٍ، قالَ: "سمعتُ أبا عبدِ اللّٰهِ (عليه السلام) يقولُ: "عِدَةُ المؤمنِ أخاه نذرٌ لا كفارةَ له، فمنْ أخلفَ، فبخلفِ اللّٰهِ بدا، ولمقتِه تعرَّضَ، وذلك قولُه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}".

وكذا حرَّمتْ عليكَ الشريعةُ نفسُها أنْ تخالفَ شرطًا؛ كما وردَ في صحيحِ عبدِ اللّٰهِ بنِ سَنَانِ عَنْ أبي عبدِ اللّٰهِ، قالَ: "المسلمون عندَ شروطِهم"، حتى لو مالتِ الحاجةُ المحلِّلةُ إلى خلافِه؛ كما وردَ في صحيحِ منصورٍ بزرجٍ عَنِ الكاظمِ (عليه السلام)، قالَ: "قلتُ له: إنَّ رجلًا مِنْ مواليكَ تزوَّجَ امرأةً، ثمَّ طلَّقَها فبانتْ منه، فأرادَ أنْ يراجعَها فأبتْ عليه إلا أنْ يجعلَ للّٰهِ عليه أنْ لا يطلِّقَها ولا يتزوَّجَ عليها، فأعطاها ذلك، ثمَّ بدا له في التزويجِ بعدَ ذلك، فكيف يصنعُ؟ فقالَ: بئسَ ما صنعَ، ما كان يدريه ما يقعُ في قلبِه باللَّيلِ والنهارِ، قلْ له: فَلْيَفِ للمرأةِ بشرطِها، فإنَّ رسولَ اللّٰهِ قالَ: "المؤمنون عندَ شروطِهم".

 

وإنْ قلتَ: ولكنِّي وعدتُ بحبِّها ولم أعِدْ بتركِ التثنيةِ، قلتُ: صحيحٌ أنَّك لم تصرِّحْ بذلك، ولكنَّ مسلكَك في عزفِ ترانيمِ الحبِّ على أوتارِ العشقِ أشدُّ من التصريحِ، وأبلغُ مِنَ التلميحِ، فإنَّ الذي يغالي بالاعتزازِ بجنسيَّتِه، لا يحتاجُ ليصرِّحَ عَنْ رفضِه قبولَ جنسيَّةٍ أُخرى، فتأملْ.

 

إذا عرفتَ ذلك، فهوِّنْ على نفسِك، ولا تذهبنَّ بها عريضًا حين تنتشي في الحبِّ، لِتَعِدَ تصريحًا أو تلميحًا، أو تشترطَ على نفسِك، فتكونُ مخالفًا لقولِه تعالى: {... وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ...}، فإنَّ لا تدري ما يحلُّ بكَ، وما يقعُ عليكَ، فامشِ الهُوَيْنَا على رِسْلِك، ولا تستخفنَّ بامرأتِكَ، فإنَّ الناقدَ بصيرٌ، {... وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}.

[عن كتاب: الحب والغيرة وتعدُّد الزوجات] الصادر عن: دار المحجَّة البيضاء. 

➖➖➖➖➖➖➖➖

د. السيد حسين علي الحسيني 

واتساب: 009613804079



 
 


الصفحة الرئيسية

د. السيد حسين الحسيني

المؤلفات

أشعار السيد

الخطب والمحاضرات

فتاوى (عبادات)

فتاوى (معاملات)

البحوث الفقهية

بحوث فلسفية وأخلاقية

البحوث العقائدية

حوارات عقائدية

متفرقات

سؤال واستخارة

سيرة المعصومين

أسماء الله الحسنى

أحكام التلاوة

الأذكار

أدعية وزيارات

الأحداث والمناسبات الإسلامية

     جديد الموقع :



 تعدد الزوجات ووعود الحب

 نكتة عقائدية (اللّٰه المُضِل)

 نغمة (لا/La) حسيني ومقامها

 سياسة الضفدغ المغلي

 أنواع الطلاق

 سياسة الحصان

 فلسفة تدوير الأحزان (الترميم بالذهب)

 يسوع عيسى المسيح

 الفوائد الصحية للسجود على الجبهة

 استحباب إرغام الأنف أثناء السجود

     البحث في الموقع :


  

     ملفات عشوائية :



 الأذان والإقامة

 التقليد

 أحكام النفاس

 شهر رمضان المبارك

 زواج المحلل من الطلقة الثالثة

 زيارة الإمام علي بن محمد الهادي النقي (عليهما السلام) يوم الأربعاء

 متفرقات الخمس

 نذر الزوجة

 صلاة العاجز

 النظر والستر

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

Phone : 009613804079      | |      E-mail : dr-s-elhusseini@hotmail.com      | |      www.dr-s-elhusseini.net      | |      www.dr-s-elhusseini.com

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net