🔴 الاكتئاب الصباحي
في البداية نوجز تعريف (اللاوعي) أو (العقل الباطن): "وهو عبارة عن منطقة عميقة في داخلنا تنضوي علىٰ كل خبراتنا الحسية والخيالية والمعرفية بآلامها ولذاتها، والتي لا يطفو منها إلىٰ سطح وَعْيِنَا إلا بعض الإشارات".
إذا عرفنا ذلك، فإنّ وقت الصباح، أو وقت الاستيقاظ، هو أكثر وأقرب وقت يكون فيه الوعي ملاصقًا للاوعي؛ لذلك فهو يمثِّل ذروة الأوقات التي يَتَجَمُّع فيها كل ما يشغلنا بصدق في تلك المنطقة العميقة داخلَنا حينما تكون أجسادنا نائمة بينما (لاوَعْيَنَا) مستفيقٌ؛ إذ يكون حاضرًا بقوة عند الاستيقاظ، ثم يبدأ بالتلاشي أو الانسحاب أو الابتعاد أو التستُّر شيئا فشيئا خلف ما يتم تركيز ضوء الوعي عليه من قِبَل النفس.
فخير ما نقوم به لنرفع هذه الحالة، هو أنْ نفتح أعيننا للنور قليلا، لا أن ندخل تحت لحاف الظُّلْمة؛ لأن الاختباء في الظلام يزيد العتمة في داخلنا، والمطلوب طَرْدُها. ولا نسارع إلىٰ تجرُّع الأدوية المهدئة لطرد هذا الشبح سريعًا. وإنما يكفي أن نقوم من وضعية الاستلقاء إلىٰ الجلوس لِنُحَضِّرَ الدورة الدموية لتغيير أولوياتها استعدادًا للوقوف، ثم نعطي هذه الأحزان الجاثمة علىٰ صدورنا حقَّها ووقتها في المغادرة والأُفُول عن سمائنا، وذلك ببعض أنفاس عميقة نَجْمَعُها في أعلىٰ الصدر، ثم نَلْفُظُها إلىٰ خارج، متسالمين مع تلك المخاوف؛ بأن نُخْبِر أنفسنا بصدق، أنها لحظات ضِيْقٍ سُرْعَان ما سينجلي غبارها، لنبدأ يومًا جديدًا نعيشه، فهو فقط ما يستحق الاهتمام به الآن؛ لأن الماضي لم يعد بأيدينا فلا جدوىٰ من استذكاره، والمستقبل لمَّا يصل إلينا بعد، ولا طاقة لنا علىٰ استجلابه إلىٰ الآن.
وأضع هنا بين دَفَّتَيْ قلوبكم هذين القَوْلَيْن:
- قول المسيح (عليه السلام): "لا يَهُمُّكُم أمرُ الغَد، فالغَدُ يَهتَمُّ بِنَفْسِه. ولِكُلِّ يَومٍ مِنَ العَناءِ ما يَكْفِيه" [متىٰ 6: 34]
- قول رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه وآله وصحبه): "مَنْ أصبحَ مُعَافًى في بَدَنِه، مُخَلًّى في سِرْبِه، لَدَيْهِ قُوْتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّما حِيْزَتْ لَهُ الدُّنْيَا".
➖➖➖➖➖➖➖➖
د. السيد حسين علي الحسيني
واتساب: 009613804079
|