﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾
 
 

 الإمام الحسن بن علي (عليهما السلام) 

القسم : محاضرات رمضانية   ||   التاريخ : 2011 / 01 / 29   ||   القرّاء : 16074

          بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيد المرسلين وخاتم النبيين أبي القاسم ياسين، وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجميعن إلى أن يشاء رب العالمين، وبعد..

ولادته

          يصادف اليوم الخامس عشر من شهر رمضان المبارك ذكرى ولادة سبط رسول الله وسيد شباب أهل الجنة الإمام الحسن بن علي المجتبى (عليهما السلام). وذلك في العام الثالث بعد الهجرة. في مثل هذا اليوم زفت البشرى لجده المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) فأسرع إلى بيت صهره وابن عمه أخيه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فأذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى، ثم سأل الإمام: أيَّ شيء سميت ابني؟  فقال الإمام: ما كنت لأسبقك بذلك! فقال النبي: ولا أنا سابق ربي، ولم يكد هذا الحوار ينتهي حتى أبلغه أمين الوحي بأن الملك الأعلى سماه (الحسن). وفي اليوم السابع عمد النبي إلى كبش فعقه، منح القابلة فخذا منه، ودينارا، ثم حلق رأس الحسن وتصدق بوزنه فضة، وطلاه بالخلوق، وهو نوع من الطيب أعظم أجزائه من الزعفران. ثم أمر بختنه فختن. وهكذا كان إمامنا الحسن أول من أقيمت له هذه المراسيم، لتصبح سنة من بعده.

مقالة الرسول في الحسن (عليه السلام)

          روى البخاري ومسلم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يحمل الحسن على عاتقه وهو يقول: "اللهم إني أحبه فأحبه".

وروى الترمذي أن النبي كان يحمل الحسن على عاتقه، فقال له رجل: "نعم المركب ركبت يا غلام، فقال النبي: ونعم الراكب هو. 

وعن الحافظ أبي نعيم عن أبي بكر أن الحسن كان يعلو رقبة جده في السجود، فيرفعه رفعا رقيقا، وبعد الفراغ من الصلاة يُسأل: يا رسول الله! إنك تصنع في هذا الصبي شيئا لا تصنعه لأحد، فقال: إن هذا ريحاتني.

وعن جابر بن عبد الله قال: قال النبي: من أحب أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة، فلينظر إلى الحسن بن علي. وعن يَعلى بن مرة أن النبي كان يرى الحسن يلعب في الطريق، فيضاحكه، ثم يعتنقه ويقبله ويقول: حسن مني وأنا منه، أحب الله من أحبه. وعن الغزالي أن النبي قال للحسن: أشبهت خلْقي وخلُقي.

الجانب الروحي

          كان الإمام أعبد أهل زمانه وأفضلهم وأزهدهم، فإذا توضأ اصفر لونه، وارتعدت مفاصله، وإذا سئل عن ذلك قال: حقٌّ على من يقف بين يدي رب العرش، أن يصفر لونه وترتعدَ مفاصله.

          وقد حج الإمام خمسا وعشرين حجة ماشيا، وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر القيامة والعرض على الله يشهق شهقة يغشى عليه منها. وإذا قرأ القرآن ومر بآية فيها (يا أيها الذين آمنوا)، قال: لبيك اللهم لبيك.

الجانب الخلقي

          في تواضعه: فقد روت كتب السيرة، أنه مر على جماعة فقراء قد وضعوا على وجه الأرض كسيرات من الخبز التقطوها من الطريق، فدعوه، فلبى قائلا: إن الله لا يحب المتكبرين. ولما فرغ دعاهم لضيافته، وأغدق عليهم المال وأطعمهم وكساهم.

          وروي أنه كان جالسا في مكان، وعندما عزم على الانصراف، دخل فقير فحياه الإمام ولاطفه، ثم قال له: إنك جلست على حين قيام منا، أفتأذن لي بالانصراف؟ فأجاب الرجل: نعم يا بن رسول الله!

          في حلمه وعفوه: يروى أن الإمام وجد شاة له قد كسرت رجلها، فسأل غلامه: من فعل هذا؟ فقال الغلام: أنا، فسأله الإمام: ولمَ ذلك؟ فقال الغلام: لأجلب لك الهم والغم. فتبسم الإمام وقال له: والله لأسرك، فأعتقه وأجزل له في العطاء.

          ولما لقيه ذاك الشامي الذي غذاه معاوية بكره آل محمد، كان الحسن راكبا، فبدأ الشامي يلعنه، حتى أقبل عليه الحسن مبتسما، وقال: أيها الشيخ! أظنك غريبا ولعلك شبهت، فلو استعتبتنا –أي طلبت أن نرضيك- أعتبناك –أي أرضيناك-، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا أحملناك –أي أعناك-، وإن كنت جائعا أشبعناك، وإن كنت عريانا كسوناك، وإن كنت محتاجا أغنيناك، وإن كنت طريدا آويناك، وإن كان لك حاجة قضيناها لك، فلو حركت رحلك إلينا، وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك، كان أعود – أي أنفع- لأن لنا موضعا رحبا، وجاها عريضا، ومالا كثيرا. فلما سمع الرجل كلامه قال: أشهد أنك خليفة الله في أرضه، الله يعلم حيث يجعل رسالته، كنت وأبوك أبغض خلق الله إليّ، والآن أنت وأبوك أحب خلق الله إليّ.

          في سخائه: سئل الإمام: لأي شيء نراك لا ترد سائلا؟ فقال: أنا أستحي أن أكون سائلا، وأردَّ سائلا، وإن الله عودني عادة أن يفيض عليّ بنعمه عليّ، وعودته أن أفيض نعمه على الناس، فأخشى إن قطعت العادة أن يمنعني العادة.

          وعندما جاءه أعرابي سائلا قال: أعطوه ما في الخزانة، فوجد فيها من الدنانير الكثير، فدفعها إلى الأعرابي، فقال الأعرابي: يا مولاي! ألا تركتني أبوح بحاجتي وأنشر مدحتي، فأنشأ (عليه السلام) قائلا:

نحن أناسٌ نوالنا خضل  (رطب)          يرتع فيه الرجاء والأملُ

تجود قبل السؤال أنفسُنا         خوفا على ماء وجه من يسلُ

لو علم البحر فضل نائلنا       لغاض من بعد فيضه خجلُ

 

استشهاده

          عثا معاوية في الأرض فسادا وعتا عتوا كبيرا، فولى الظلمة، وطارد شيعة علي، وضيق عليهم، واغتال منهم أمثال حجر بن عدي الكندي، كما استعان بالمنافقين من الخطباء لتشويه سيرة أهل البيت (عليهما السلام)، وسن شتم أمير المؤمنين على المنابر، وبذلَ الأموال لشراء الأمم الرخيصة. وهكذا ساس معاوية البلاد حتى بلغ به الأمر أن أغرى زوجة الإمام جعدة بنت الأشعث مقابل أن يزوجها من ابنه يزيد، ففعلت (لعنها الله)؛ حيث دست السم في طعام الإمام، فاستشهد عليه السلام في السابع من صفر سنة خمسين للهجرة. وكان الإمام قد أوصى أخاه الحسين أن يدفنه بجانب جده، فمنع ذلك والي المدينة مروان بن الحكم، وعائشة، حيث ركبت بغلها وقالت: لا يدفن مع رسول الله أحد، فعدل الحسين عن ذلك، ليدفنه في البقيع حقنا للدماء.

          السلام عليك سيدي يا أبا محمد يوم ولدت، ويوم مت، ويوم تبعث حيا شافعا. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.



 
 


الصفحة الرئيسية

د. السيد حسين الحسيني

المؤلفات

أشعار السيد

الخطب والمحاضرات

البحوث الفقهية

البحوث العقائدية

البحوث الأخلاقية

حوارات عقائدية

سؤال واستخارة

فتاوى (عبادات)

فتاوى (معاملات)

سيرة المعصومين

أسماء الله الحسنى

أحكام التلاوة

الأذكار

أدعية وزيارات

الأحداث والمناسبات الإسلامية

     جديد الموقع :



 كَبُرْتُ اليوم

 الاستدلال بآية الوضوء على وجوب مسح الرجلين

 العدالة

 السعادة

 قوى النفس

 البدن والنفس

 تلذُّذ النفس وتألمها

 العبادة البدنية والنفسية

 العلاقة بين الأخلاق والمعرفة

 المَلَكَة

     البحث في الموقع :


  

     ملفات عشوائية :



 تلذُّذ النفس وتألمها

 يمين وعهد الزوجة

 خمس الدَّين

 الجعالة والوكالة

 الفالق القديم

 رد الشمس لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)

 وهب عقد وهب

 الكفارة

 شعبان ولّى رمضان هلّ

 الإمام محمّد بن الحسن المهدي (عليهما السلام)

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

Phone : 009613804079      | |      E-mail : dr-s-elhusseini@hotmail.com      | |      www.dr-s-elhusseini.net      | |      www.dr-s-elhusseini.com

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net