﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾
 
 

 مسلسل العشق الممنوع 

القسم : بحوث فقهية   ||   التاريخ : 2011 / 06 / 02   ||   القرّاء : 16433

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيد المرسلين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله المظلومين، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. وبعد..

إنا أمة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نفخر بمدح الحق سبحانه لنا بقوله: >كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ< سورة آل عمران، الآية 110.

ولكن، هل فعلا ما زلنا نتحلى بهذا التقديم على باقي الأمم، أم أننا انزلقنا مع المنزلقين؟

(العشق الممنوع)

 مسلسل تركي غزا البيوت، واستحوذ على النفوس، حتى بات حديث أمة محمد. فدعاني هذا للاطلاع على قصة هذا المسلسل، وما يثيره. وبعد الاطلاع على ما يكفي للحكم عليه، توصلت إلى نتائج خطيرة من الناحية الشرعية والأخلاقية والاجتماعية، اختصرت بعضها في نقاط أربع:

النقطة الأولى: تسمية المسلسل جذابة لكل شاب وكل فتاة، ومشعر بأن العشق –موضوع المسلسل- أمر جميل ورائع، فهو العشق، إلا أنه ممنوع، لا لحرمة شرعية، بل لظروف حالت دون إعلان هذا العشق.

النقطة الثانية: القصة تتحدث عن خيانة زوجية، حدُّها في الإسلام وبكل بساطة الرجم حتى الموت، ولكنها أبرزت على أنها لثم لعسل وردة استوطنت حقلا من الأشواك.

النقطة الثالثة: اختيار زوج تلك الخائنة رجلا يكبرها سنّا، ولا يتناسب مع مستواها الجمالي، لكي يبرر المشاهدُ في لاوعيه ما فعلته تلك العاشقة المحرومة من رجل قوي الذراعين، وسيم الطلة، نعم إنه مهند يا أمة محمد، وما أدراك ما مهند.

النقطة الرابعة: الخائن مهند، يختار زوجة رجل رباه، وأحسن إليه، وآواه في منزله كولده تماما، ولكن هذا الشاب الوسيم، يخون كافله خيانة عظمى، وأقول عظمى ليس لأنها من أعظم الذنوب فحسب، بل لأننا كمسلمين، أو كعرب على أقل تقدير، نعتبر أن غدر وظلم ذوي القربة أشد مضاضة من وقع الحسام المهند. قال تعالى على لسان نبيه يوسف مستعظما خيانة المربي: > وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ< سورة يوسف، الآية 23.

ولكن وسامة مهند، ودموعه الغزيرة، وطلته البرئية تغفر له كل شيء، وكذا حرمان تلك الخائنة يبرر لها خيانة زوجها الذي أحسن إليها وإلى أمها.

        هذه النقاط تكفيني لبيان الحكم الشرعي لمشاهدة مثل هكذا مسلسلات. فما هو موقف شريعة سيد البشرية منها؟

        أولا: إن إشاعة المحرمات، وخصوصا التي تتعلق بالأعراض من أشد ما أكد الشارع المقدس على تحريمه، وهذا المسلسل يشيع محرما عظيما حده القتل، ومن يشاهده وينشر أخباره، ويتدوال فيه، ويروّج له عن طريق بث صور ومشاهد له، يعد مشيعا للحرام، قال فيه تعالى: >إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ< سورة النور، الآية 19.

 

        ثانيا: صحيح أن المسلم ليس معصوما، ووقوع الحرام منه ممكن، ولكن المفروض أن يشعر بتأنيب الضمير حيال ما اجترحه، لا أن يتباهى به، هذا ما استهجنه الهدد، وهو طير لا عقل له، حيث قال تعالى على لسانه: >وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ< سورة النمل، الآية 24.

هذا المسلسل نجده، بالإضافة إلى إشاعة الفحشاء التي فيه، يزيّن لنا ما فعله العاشقان، حتى بدا لنا قصة تستدر شفقتنا حيالهما، فأنسانا أنهما يفعلان حراما شرعا، وعيبا أخلاقيا، وخيانة من أقبح الخيانات الاجتماعية، بحيث لا أستبعد أن الكثير والكثيرات قد سوغ لهم هذا المسلسل الإقدام على هذا الحرام الأعظم، أو على الأقل التفكير في فعله، إذا توفر لهم الشعر الأشقر، والعينان الخضراوان!

 

        ثالثا: هل صار النظر إلى التقبيل وما شاكله من مشاهد الإثارة جائز، حتى نترك هذه المشاهد بكل وقاحة نشاهدها مع بناتنا وصبياننا وإخواننا وأخواتنا وزوجاتنا، بل مع جيراننا! ومما روي بهذا الصدد:

        - خبر عقبة بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: "سمعته يقول النظرة سهم من سهام إبليس مسموم ، وكم من نظرة أورثت حسرة طويلة". وسائل الشيعة ج20، ص 191.

        - صحيحة الكاهلي قال: "قال أبو عبد الله (عليه السلام): النظرة بعد النظرة تزرع في القلب الشهوة، وكفى بها لصاحبها فتنة". وسائل الشيعة ج20، ص192.

        - خبر أبي جميلة المفضل بن صالح، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قالا: "ما من أحد إلا وهو يصيب حظا من الزنا، فزنا العينين النظر، وزنا الفم القبلة، وزنا اليدين اللمس، صدّق الفرج ذلك أو كذّب". وسائل الشيعة ج20، ص 191.

        وبعد، ألا تكفينا هذه الروايات لنرتدع عن النظر إلى ما حرم الله؟

 

رابعا:

في خبر يعقوب بن سالم عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "لا تعلّموا نساءكم سورة يوسف ...فإنّ فيها الفتن وعلّموهنّ سورة النور فانّ فيها المواعظ". وسائل الشيعة ج20، ص 177.

سبحان الله، أمير المؤمنين يحذر من تدريس النساء سورة قرآنية، بمعنى تفصيلها للنساء، والإمعان في خفاياها، حتى لا يستملحن محاولة زليخاء خيانة زوجها، ولا يستلطفن عشقها المحرم لنبي الله يوسف، وهي سورة مباركة من لدن رب عظيم، نزّلها على قلب سيد المرسلين، بواسطة الملك جبريل!

 فأين أنت يا أمير المؤمنين؟ أين أنت يا رسول الله؟ أين أنت يا سيدة النساء، يا فاطمة الزهراء؟ أين أنت يا مولانا يا صاحب الزمان؟ لترى كيف عدل المسلمون عن قراءة القرآن، إلى أفلام التركمان، فتحولوا من أمة محمد إلى أمة مهند!!

 

استفتاء مراجعنا العظام بخصوص هذه المسلسلات وما شابهها:

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اشتهر بين المسلمين مسلسلا يروج لفاحشة الخيانة الزوجية، فضلا عما بداخله من مشاهد التقبيل وما شاكل.
س
۱- ما حكم مشاهدته؟
س
۲- ما حكم الترويج له بنشر صور لممثليه، وبعض مشاهد هذا المسلسل؟

الإجابات:

السيد علي الحسيني السيستاني (حفظه الله):

تحرم مشاهدة الأفلام المذكورة ونحوها إذا كانت تؤثر على المشاهد وتوجب إنحرافه، بل الأحوط لزوماً ترك مشاهدتها مطلقاً إن كانت تتضمن مشاهد خلاعية.

السيد علي الحسيني الخامنئي (حفظه الله):

ج1- إذا كانت المسلسلات أو الأفلام تشتمل على مقاطع إباحية أو أي محرّم آخر أو كانت مشاهدتها بقصد التلذذ والريبة أو ترتب على مشاهدتها مفسدة فلا يجوز.
ج2- إذا ترتب على ذلك مفسدة أو كان فيه ترويج للباطل أو الثقافة الغربية المعادية للإسلام فلا يجوز.

السيد صادق الشيرازي (حفظه الله):

الجواب: تحرم المشاهدة والترويج في فرض السؤال. قال الله تعالى: >قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ... وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن ...< سورة النور، الآيتان 30و31. وقال سبحانه: >إن الذين يحبّون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم< سورة النور، الآية 19.

السيد محمد سعيد الحكيم (حفظه الله):

الجواب: يحرم مشاهدة هذا المسلسل الجهنمي وأمثاله، مع الخشية في الوقوع في الحرام، ومع الالتفات إلى أن التأثير يقع تدريجيا لا يظهر إلا بعد فوات الأوان. كما يحرم الترويج له، مما يشجع على مشاهدته؛ فإن التشجيع على المنكر من أعظم الذنوب.



 
 


الصفحة الرئيسية

د. السيد حسين الحسيني

المؤلفات

أشعار السيد

الخطب والمحاضرات

البحوث الفقهية

البحوث العقائدية

البحوث الأخلاقية

حوارات عقائدية

سؤال واستخارة

فتاوى (عبادات)

فتاوى (معاملات)

سيرة المعصومين

أسماء الله الحسنى

أحكام التلاوة

الأذكار

أدعية وزيارات

الأحداث والمناسبات الإسلامية

     جديد الموقع :



 كَبُرْتُ اليوم

 الاستدلال بآية الوضوء على وجوب مسح الرجلين

 العدالة

 السعادة

 قوى النفس

 البدن والنفس

 تلذُّذ النفس وتألمها

 العبادة البدنية والنفسية

 العلاقة بين الأخلاق والمعرفة

 المَلَكَة

     البحث في الموقع :


  

     ملفات عشوائية :



 نية الصوم

 ما يُتَيَمَّمُ به

 البارئ المصوِّر

 زيارة الإمام محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) يوم الثلاثاء

 زيارة الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام) في الأربعين

 خمس مواد البناء والبيوت

 وجهة نظر للرجل في تعدد الزوجات

 ذو المعارج النور

 الضارّ النافع

 التحية

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

Phone : 009613804079      | |      E-mail : dr-s-elhusseini@hotmail.com      | |      www.dr-s-elhusseini.net      | |      www.dr-s-elhusseini.com

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net