🔴 نُكْتَة عقائديَّة (اللّٰهُ المُضِلُّ)
* مِنْ أسماءِ اللّٰهِ الحُسنىٰ: (المُضِلُّ).
* وقالَ تعالىٰ: {وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (٨٨)} [النساء].
* وقالَ (عزَّ مِنْ قائلٍ): {إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ (٢٧)} [الرعد].
إشكال:
بعدَ ثبوتِ صفةِ (الإضلالِ) للّٰهِ (جلَّ جلالُه) كما وصفَ بها نفسَه، يتأتَّى الإشكالانِ التاليانِ:
- أوَّلًا:
كيف يَصِحُّ أنْ تصدرَ صفةَ (الإضلالِ) عَنِ اللّٰهِ (سبحانه) مَعَ كونِه (هاديًا)، وهو القائلُ: {قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ (٣٥)} [يونس]، وقالَ: {وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (٣١)} [الفرقان]؟! أليسَ هذا مِنِ اجتماعِ الضِّدَّينِ المُحالِ عقلًا؛ كاجتماعِ الحرارةِ والبرودةِ في شيءٍ واحدٍ وآنٍ واحدٍ ومِنْ جهةٍ واحدةٍ؟!
- ثانيًا:
كيف ينسجمُ إضلالُه تعالىٰ لعبادِه مَعَ كونِ غايتِه مِنْ خَلْقِهِم أنْ يكونوا عبادًا مَهّدِيِّين طائعين، وهو القائلُ: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)}[ الذاريات]؟! أليسَ هذا مِنْ نَقْضِ الغرضِ المنافي لحكمتِه تعالىٰ؛ كَمَنْ أرادَ إيصالَ أحدٍ إلى بَرٍّ مَعَ أنْ يقطعَ الطريقَ الوحيدَ المُوصِلَ إليه؟!
الجواب:
يضلُّ اللّٰهُ الناسَ حينما يفقدون قابليَّة الاستعداد والأهليَّة للهداية؛ يعني بحسب التعبير القرآنيِّ حينما يصبحون مِصْدَاقًا للآية المباركة: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٧)} [البقرة].
فهنا إضلالُ اللّٰهِ الإنسانَ يكون بمجرد تَرْكِ هدايته، لا أنَّ اللّٰهَ تعالىٰ يفعل معه ما يسبِّب ضلالته وانحرافه عن جادَّة الصواب وصراط الاستقامة.
وبعبارة أخرىٰ:
أضلَّ اللّٰهُ الناسَ؛ يعني أعرض عن هدايتهم، فوكلهم إلى أنفسهم بسبب عنادهم ومكابرتهم واستنكافهم عن الطاعة حتى خُتِمَ على قلوبهم، وفقدوا قابليَّة الاستعداد والأهليَّة لتلقِّي إشراقات الهداية.
مثال:
من وجد طفلا يلعب عند حافَّة الوادي، وكان على وشك السقوط، إلا أنه لم يحرِّك ساكنًا لتدارك سقوط الطفل حتى سقط فعلًا! هنا يَنْسِبُ الناس سقوط الطفل إليه؛ لأنَّه كان قادرا على إنقاذه ولم يفعل؛ فكأنَّ عدم الإنقاذ من السقوط عبارة أخرىٰ عن الإغراء بالسقوط أو التحفيز عليه أو المساهمة فيه. واللّٰهُ العالمُ بحقائقِ الأمورِ.
➖➖➖➖➖➖➖
د. السيد حسين علي الحسيني
واتساب: 009613804079
|