🔴 التنفيس الانفعالي Catharsis Emotional
قَالَ جَابِرٌ بْنُ يَزِيدَ الجُعْفِيِّ: "قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): جُعِلْتُ فِدَاكَ! إنَّكَ حَمَّلْتَنِي وَقْرًا [أي حِمْلًا] عَظِيمًا بِمَا حَدَّثْتَنِي بِهِ مِنْ سِرِّكُمْ الَّذِي لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا، وَرُبَّمَا جَاشَ [أي غلى وهاج] فِي صَدْرِي حَتَّى يَأْخُذُنِي مِنْهُ شِبْهُ الجُنُونِ، قَالَ: يَا جَابِرُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ، فَاخْرُجْ إلَى الجِبَالِ، فَاحْفُرْ حُفَيْرَةً، وَدُلَّ [أي أنْزِلْ] رَأْسَكَ فِيهَا، ثُمَّ قُلْ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ بِكَذَا وَكَذَا".
المعنى الرمزي للرواية
هذه الرواية تحمل معنىً نفسيًّا عميقًا؛ فهي تشير إلى أهميَّة التنفيس عَنِ الكرب والهمِّ بالكلام، حتى لو لم يكن لمستمع بشريٍّ، إذ إنَّ إخراج الهمِّ مِنَ الصدر يخفُّف وطأته، وهذا ينسجم مع ما يُعرف اليوم في علم النفس بالتنفيس الانفعاليِّ (Catharsis).
تعريف التنفيس الانفعالي
التنفيس الانفعاليُّ (Emotional Catharsis): هو عمليَّة تعبير الإنسان عَنْ مشاعره المكبوتة أو المشحونة؛ كالغضب، الحزن، أو الخوف، بطريقة تساهم في التخفيف من التوتُّر النفسيِّ والضغط الداخليِّ.
ويُعَدُّ مفهومًا مركزيًّا في علم النفس منذ أن استخدمه الحكيم اليونانيُّ (أرسطو) في الحديث عن تأثير التراجيديا، ثمَّ أعاد الطبيبان النفسيَّان النمساويَّان (سيغوند فرويد Sigmund Freud) و(جوزيف بروير Josef Breuer) استخدامه ضمن إطار التحليل النفسيِّ.
أشكال التنفيس الانفعالي
١. التنفيس اللفظيُّ:
كالتحدث إلى شخص موثوق، أو معالج نفسيٍّ، أو حتى التعبير عَنِ المشاعر بالكتابة.
٢. التنفيس الجسديُّ:
عبر الصراخ، البكاء، ممارسة الرياضة...
٣. التنفيس الفنيُّ:
عن طريق الرسم، الموسيقى، الحركة، التمثيل...
٤. التنفيس الفكريُّ:
عبر التأمُّل أو مراجعة الأفكار والمعتقدات التي تُسبِّب الضغط، وإعادة تأطيرها.
أهمية التنفيس الانفعالي
- تقليل التوتُّر النفسيِّ والقلق.
- منع تراكم المشاعر السلبيَّة وتحوُّلها إلى أمراض نفسيَّة أو جسديَّة.
- تحسين الصحَّة النفسيَّة والتوازن الانفعاليِّ.
- زيادة الوعي الذاتيِّ بالمشاعر والدوافع.
- تقوية العلاقات الاجتماعيَّة عبر مشاركة المشاعر بصدق.
متى يكون التنفيس غير صحي
- إذا تحوَّل إلى عدوان لفظيٍّ أو جسديٍّ تجاه الآخرين.
- إذا أصبح وسيلة دائمة للهروب مِنْ مواجهة المشكلة.
- إذا تمَّ عبر تضخيم المشاعر دون السعي للحلول.
خاتمة
التنفيس الانفعاليُّ أداة مهمَّة للتعافي النفسيِّ والتوازن العاطفيِّ، شريطة أن يُمارَس بشكلٍ واعٍ وآمن. وتُعَدُّ ممارسته بانتظام من وسائل الوقاية مِنَ الضغوط النفسيَّة والأمراض المرتبطة بها.
➖➖➖➖➖➖➖➖
د. السيد حسين علي الحسيني
واتساب: 009613804079

|