🐈 الإعجاز في لسان القطط
لسانُ القططِ مِنْ إحدى عجائبِ صُنْعِ الخالقِ (سبحانه)، فقد تبيَّنَ علميًّا أنَّ لسانَها يفرزُ مادةً بروتينيَّةً مُطَهِّرِةً تُدعى (الليزوزيم - Lysozyme)، وهي أنزيمُ بروتينيٌّ يعملُ على تكسيرِ جدرانِ الخلايا البكتيريَّةِ، مِمَّا يساعدُ في مكافحةِ العدوى.
مقارنة بين الليزوزيم في لسان القطط والإنسان
صحيحٌ أنَّ مادةَ (الليزوزيم) موجودةٌ في لسانِ كلٍّ مِنَ القططِ والإنسانِ، لكنَّ وجودَها في لسانِ القططِ يتميَّزُ بعدَّةِ خصائصَ فريدةٍ مقارنةً بالإنسانِ، وهي:
١. (النظافة الذاتيَّة)
لسانُ القططِ مغطَّى بِحُلَيْمَاتٍ حادَّةٍ تشبهُ الأشواكَ، تساعدُ في تنظيفِ الفراءِ وإزالةِ الأوساخِ والطفيليَّاتِ. وإنَّ وجودَ (الليزوزيم) في هذا السياقِ يعزِّزُ مِنَ الخصائصِ المضادَّةِ للبكتيريا أثناءَ عمليَّةِ الاستمالةِ (grooming)؛ وهي عمليَّةُ تنظيفِ القططِ لفرائِها بلسانِها، مِمَّا يمنعُ العدوى الجلديَّةَ ويقلِّلُ مِنْ نموِّ الجراثيمِ على الفراءِ.
٢. (التطهير أثناء تناول الطعام النَّيْء)
القططُ بحكمِ طبيعتِها اللَّاحمةِ (أي نظامِها الغذائيِّ المعتمدِ علي اللحومِ)، تتناولُ لحومًا نَيْئَةً، ما يعرِّضُها لبكتيريا ضارَّةٍ.
وبالتالي، فإنَّ وجودَ (الليزوزيم) في اللُّعابِ ولسانِ القططِ يعملُ كخطِّ دفاعٍ أوَّليٍّ، يقلِّلُ مِنْ خطرِ التسمُّمِ الغذائيِّ مقارنةً بالإنسانِ الذي نادرًا ما يأكلُ طعامًا نَيْئًا.
٣. (التماشي مع التركيب البنيويِّ للِّسان)
إنَّ السطحَ الخشنَ للسانِ القططِ المكوَّنِ مِنَ (الكيراتينِ)، يحتفظُ باللُّعابِ لفترةٍ أطولَ، ما يسمحُ بفعاليَّةٍ أعلى (لليزوزيم) على الأسطحِ التي يلعقُها، سواءٌ الفراءُ أم الجروحُ عندَ لعقِها، ما يعزِّزُ التأثيرَ المطهِّرَ لهذا الإنزيمِ.
حديث الإعجاز في لسان القطط
جاءَ في الحديثِ الصحيحِ عَنِ الإمامِ عليٍّ (عليه السلام): "إنَّ الهِرَّ سَبْعٌ، ولا بأسَ بسُؤْرِه - أي بقايا طعامِه وشرابِه - وإنِّي لأستحي مِنَ اللّٰهِ أنْ أَدَعَ طعامًا لأنَّ الهِرَّ أكلَ منه".
هذا الحديثُ ظاهرٌ في أهميَّةِ لسانِ القططِ، ودورِه في تعقيمِ ما يلعقُه، أو على أقلِّ تقديرٍ ظاهرٌ في أنَّه لا يلزمُ من تناولِ سُؤْرِ ملعوقِه ضررٌ معتدٌّ به على صحَّةِ الإنسانِ.
إشكال
ولقائلٍ أنْ يقولَ:
كيف لا يضرُّ الأكلُ والشربُ مِنْ سُؤْرِ القططِ مَعَ مشاهدتِنا لَعْقَ القططِ للطعامِ والشرابِ بُعَيْدَ لَعْقِ مؤخِّراتِها وما يعلقُ عليها مِنْ برازٍ؟!
- أمَّا الجوابُ الحَلِّيُّ:
فقد تبيَّنَ مِمَّا تقدَّمَ في كلامِنا عن احتواءِ ألسنةِ القططِ الخشنةِ على أنزيم (الليزوزيم) الذي يتكفَّلُ بقتلِ البكتيريا ومَنْعِ العدوى...
- وأمَّا الجوابُ النَّقْضِيُّ:
فيكفي فيه أنْ نُحِيلَكم إلى تناولِنا مثلَ أمعاءِ الحيواناتِ الدقيقةِ دونَ أيِّ غضاضةٍ وتحرُّزٍ، وبدونِ أنْ يتمَّ تعقيمُها، رغمَ احتوائِها على بقايا الطعامِ المهضومِ جزئيًّا والفضلاتِ السائلةِ المليئةِ بالبكتيريا والفطريَّاتِ والطفيليَّاتِ والفيروساتِ، فضلًا عَنِ اتَّصالِها بالأمعاءِ الغليظةِ الملأةِ بالبرازِ.
غايتُه أنَّنا نغسلُها بالماءِ والملحِ والخلِّ والليمونِ؛ وذلك لغرضِ إزالةِ الدهونِ والرواسبِ والروائحِ الزنخةِ، وهو مجرَّدُ تنظيفٍ لا يصلُ إلى حدِّ التعقيمِ الذي مِنْ شأنِه القضاءُ على البكتيريا وغيرِها.
ثمَّ بعدَ التنظيفِ نحشُو الأمعاءَ باللحمِ المتبَّلِ لتصبحَ نقانقَ يشتهيها الكبارُ والصغارُ بلا حزازةٍ.
فإنْ كانت هذه النقانقُ بمحتواها المتقدِّمِ، ليست مدعاةً للنفورِ، فطعامُنا وشرابُنا الذي تلعقُه القططُ أَوْلَى بعدمِ النفورِ أيضًا. فلنتأمَّلْ.
➖➖➖➖➖➖➖
د. السيد حسين علي الحسيني
واتساب: 009613804079

|