﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾
 
 

 حكم النظر والستر 

القسم : بحوث فقهية   ||   التاريخ : 2011 / 06 / 24   ||   القرّاء : 17689

أولا: حكم النظر بغير قصد التزويج:

        ذكرنا أن ممارسات الحب تتشابه في أغلب قصصه إن لم نقل في جميعها. قال الشاعر أحمد شوقي واصفا ترقّي حالة الحب ابتداءً من النظرة:

"نظرة فابتسامة فسلام       فكلام فموعد فلقاء"

        فما حكم نظر الرجل إلى المرأة، ونظر المرأة للرجل؟

 

نظر الرجل إلى المرأة:

إن نظر الرجل إلى وجه المرأة وكفيها وثيابها جائز في نفسه حال خلوِّه من الريبة والشهوة. ونستدل على ذلك بما يلي:

1- قوله تعالى: >وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا<(1). جوّز الحق سبحانه إبداء النساء زينتهن الظاهرة، ولما كان إبداؤها لا يتم إلا بإبداء مواضعها، جاز للرجل النظر إلى هذه المواضع.

وهذه الزينة الظاهرة كما جاء في تفسير قوله تعالى: > وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا<، في خبر أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: "فهي الثياب، والكحل، والخاتم، وخضاب الكف، والسوار"(2). وفي خبر زرارة عن الصادق (عليه السلام) قال: "الزينة الظاهرة: الكحل والخاتم"(3). وعن ابن عباس: "إن الذي أبيح الكحل، والخاتم، والحذاء، والخضاب في الكف"(4).

2- ما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "إن للزوج ما تحت الدرع، وللابن والأخ ما فوق الدرع، ولغير ذي محرم أربعة أثواب: درع، وخمار، وجلباب، وإزار"(5). وهذه الأربعة لا تستر الوجه والكفّين بل ولا تستر القدمين؛ لأن "درع المرأة قميصها"(6)، وخمارها "ما تغطي به المرأة رأسها"(7)، والجلباب "ثوب واسع تغطي به المرأة رأسها وظهرها وصدرها"(8)، والإزار "الملحفة"(9)، مما يدل على جواز كشفهما، وبالتالي النظر إليهما.

3- خبر مروك بن عبيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قلت له: ما يحل للرجل أن يرى من المرأة، إذا لم تكن مَحْرَما؟ قال: الوجه والكفان والقدمان"(10).

        4- النهي عن النقاب في الإحرام، رغم أن الحج مدعاة البك والاختلاط وتعريض المرأة لنظر الأجنبي. فقد جاء في حسنة عبد الله بن ميمون، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام) قال: "المحرمة لا تتنقب؛ لأن إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه"(11). وخبر أحمد بن محمد عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: "مر أبو جعفر (عليه السلام) بامرأة محرمة قد استترت بمروحة، فأماط المروحة بنفسه عن وجهها"(12). وصحيحة معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "لا تطوف المرأة بالبيت وهي متنقبة"(13)...

5- جواز إظهارهما في الصلاة، بل أفضلية كشفهما فيها، فيجوز إظهارهما، وبالتالي النظر إليهما، لإطلاق الروايات من جهة وجود الناظر وعدمه. ففي موثقة سماعة قال: "سألته عن المرأة تصلّي متنقّبة؟ قال: إذا كشفت عن موضع السجود فلا بأس به، وإن أسفرت فهو أفضل"(14). وصحيحة محمّد بن مسلم -في حديث- قال: "قلت لأبي جعفر (عليه السلام): الرجل يصلي في قميص واحد؟ فقال: إذا كان كثيفا فلا بأس به، والمرأة تصلّي في الدرع والمِقْنِعة إذا كان الدرع كثيفا، يعني إذا كان ستيرا". والمِقنعة "ما تقنّع به المرأة رأسها"(15)...

 

        6- السيرة القطعية الممضاة من الشارع على كشف الوجه والكفين دون أن يرد نهي من المعصوم. ويعضد هذه السيرة الإجماع القائم على جواز إظهارهما.

        أما قوله تعالى: >قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ<(16)، فليس ردعا عن السيرة؛ ذلك أن (الغض) مقابل ملء العين؛ لأن "الغضاضة: الفتور في الطرف، يقال: غض وأغضى إذا دانى بين جفنيه ولم يلاقِ"(17). ومما يدل على أنه عبارة عن إغفال الشيء وعدم الطمع فيه، أو فلنقل هو الخفض والتقليل منه، وليس مساوقا للترك؛ قوله تعالى: >وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ<(18)؛ فإن غض الصوت خفضه وليس تركه بالصمت.

        ويؤيد ذلك سبب النزول؛ حيث جاء في معتبرة سعد الإسكاف، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: "استقبل شاب من الأنصار امرأة بالمدينة، وكان النساء يتقنعن خلف آذانهن، فنظر إليها وهي مقبلة، فلمّا جازت نظر إليها، ودخل في زقاق قد سمّاه ببني فلان، فجعل ينظر خلفها، واعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشقّ وجهه، فلما مضت المرأة نظر، فإذا الدماء تسيل على ثوبه وصدره، فقال: والله لآتين رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولأخبرنه، فأتاه فلمّا رآه رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ما هذا؟! فأخبره، فهبط جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآية: >قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ<(19)".

        إذا تأملنا بهذه الحادثة، لوجدنا أن موردها تكرار النظر بتلذذ واستمتاع، هذا النظر الخاص الذي سحبه إلى الزقاق، وأعمى بصيرته عن الحائط حتى شج رأسه، بل نصت الرواية على أن النظر كان من الخلف فيما عدا النظرة الأولى، والنظر من خلف جائز إن كان مجردا عن التلذذ.

        ونورد في ختام التعليق على هذه الآية المباركة صحيحة عليّ بن سويد قال: "قلت لأبي الحسن (عليه السلام): إنّي مبتلى بالنظر إلى المرأة الجميلة فيعجبني النظر إليها، فقال: يا علي، لا بأس إذا عرف الله من نيتك الصدق، وإياك والزنا فإنه يمحق البركة ويهلك الدين" (20). فإن هذه الصحيحة تنفي البأس عن مجرد النظر، طالما لم يكن من ورائه حث على الرذيلة والفتنة، وهذا لا يكون إلا مع التلذذ والشهوة.
        ومن الجدير ذكره، أن انحصار الجواز في الوجه في الكفين في خصوص المراعية للستر، أما غيرها سواء كانت مسلمة أم لا، فطالما يصدق عليها العنوان الروائي من أنها لا تنتهي إذا نهيت عن ترك الستر، فيجوز النظر إليها فيما اعتادت كشفه بدون شهوة، فيجوز النظر إلى مثل شعرها، ورقبتها، ويديها... إذا لم يثر ذلك الشهوة. ويدل عليه صحيحة عباد بن صهيب قال: "سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا بأس بالنظر إلى رؤوس أهل تهامة والأعراب وأهل السواد والعلوج (21)، لأنهم إذا نهوا لا ينتهون، قال: والمجنونة والمغلوبة على عقلها لا بأس بالنظر إلى شعرها وجسدها ما لم يتعمد ذلك"(22).
       وهكذا فإن التعليل " لأنهم إذا نهوا لا ينتهون "، يلزم منه تجويز النظر إلى ما جرت عادة هؤلاء على كشفه دون تورّع، بلا فرق بين المذكورات وغيرهن.
       أما قوله (عليه السلام): "ما لم يتعمد ذلك" فهو محمول -كما ذهب صاحب الوسائل أيضا- على النظر بشهوة؛ لما علمنا من أن النظر إلى غير الوجه والكفين بشكل اتفاقي لا حرمة فيه، فهو من النظر الأول الجائز.

 

 نظر المرأة للرجل:

       فرغنا من بيان الأمر الأول، وهو بيان حكم نظر الرجل إلى المرأة وحدّه، والآن نشرع في بيان الحكم العكسي وحدّه، لنعرف ما يجوز للمرأة من النظر إلى الرجل بلا شهوة وريبة.

        نقول: يجوز للمرأة أن تنظر إلى جسد الرجل بلا تلذذ ما خلا العورة؛ حيث يحرم النظر إليها مطلقا، وقد تسالم المسلمون على حرمة ذلك فيما لا يحتمل الشك. ومما يدل على حرمة النظر إلى عورة الرجل قوله تعالى: >قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (23). فإنها دلت على وجوب حفظ الفرج مطلقا، سواء من اللمس أو النظر أو غير ذلك. وقد ورد في مرسلة الصدوق تفسير هذه الآية في خصوص النظر؛ قال: "سئل الصادق (عليه السلام) عن قول الله (عز وجل) : >قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ<، فقال: كل ما كان في كتاب الله من ذكر حفظ الفرج فهو من الزنا، إلا في هذا الموضع، فإنه للحفظ من أن ينظر إليه"(24).

        إذًا، الثابت بالأدلة الحجة حرمة نظر المرأة إلى خصوص عورة الرجل، وهذا يأخذنا إلى بيان حد عورته.

        دلت بعض الروايات على أن عورة الرجل من السرة إلى الركبة، ودل غيرها على أنها خصوص حلقة الدبر، والقضيب، والبيضتان، مما يستلزم حمل ما دل على الزائد عنها على الاستحباب. فمما دل على أنها خصوص ذلك، مرسلة الصدوق عن الصادق (عليه السلام): الفخذ ليس من العورة"(25). ومرسلة أبي يحيى الواسطي عن أبي الحسن الهادي (عليه السلام): "العورة عورتان: القبل والدبر، والدبر مستور بالإليتين، فإذا سترت القضيب والبيضتين، فقد سترت العورة"(26).

 

ثانيا: حكم نظر الرجل إلى المرأة بقصد التزويج:

كل ما مر في المبحث السابق من حكم النظر يختص بحال عدم قصد التزويج، أما النظر بقصده، فله حكم خاص منصوص؛ إذ يجوز لمن يريد أن يتزوج امرأة أن ينظر إلى محاسنها التي تعتاد كشفها في البيت؛ كوجهها، وشعرها، ورقبتها، وكفّيها، ومعاصمها، وساقيها، ونحو ذلك. ويجوز تكرر النظر إذا لم يحصل الاطلاع عليها بالنظرة الأولى. نعم يشترط:

- أن يقصد الزواج من المنظور إليها بالذات، لا مطلق قصد التزويج.

- أن لا يكون بقصد التلذذ الشهوي، ولا يقدح علمه أنه يحصل بالنظر إليها قهرا.

- وأن لا يخاف الوقوع في الحرام بسببه.

- وأن لا يكون هناك مانع من التزويج بها فعلا؛ مثل ذات العدة، وأخت الزوجة...

- وأن لا يكون عالما بحالها سابقا، كما لو قد رآها من قبل بزواج سالف مثلا.

 ومما يدل على ذلك:

1- حسنة محمد بن مسلم، قال: "سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الرجل يريد أن يتزوج المرأة، أينظر إليها؟ قال: نعم، إنما يشتريها بأغلى الثمن"(27).

2- وحسنة هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "لا بأس بأن ينظر إلى وجهها ومعاصمها إذا أراد أن يتزوجها"(28).

3- موثقة غياث بن إبراهيم عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام) "في رجل ينظر إلى محاسن امرأة يريد أن يتزوجها، قال: لا بأس إنّما هو مستام ، فإن يقض أمر يكون"(29).

             

        ويبقى أن نشير إلى أن تخصيص العنوان بنظر الرجل إلى المرأة بقصد التزويج، يعود لعدم الفرق بين حكم نظر المرأة إلى الرجل بين قصد التزويج وعدمه، لما ثبت من أنه يجوز لها النظر لما عدا العورة مطلقا، سواء لم يعرض عليها الزواج من قِبَله أم لا، فتعلّقت حرمة نظرها بخصوص العورة، وقد تسالمت الطائفة على حرمة ذلك مطلقا.

 

زبدة المخاض:

  وهكذا ثبت جواز نظر الرجل إلى محاسن المرأة التي تعتاد كشفها في البيت، إن قصد التزويج منها بالشروط المتقدمة. كما ثبت في غير قصد التزويج جواز نظر الرجل والمرأة إلى غير العورة منهما، والعورة من الرجل قبله ودبره، ومن المرأة ما عدا وجهها وكفيها. نعم إن كانت المرأة ممن لا ينتهين إذا نهين عن ترك التستر، فيجوز النظر إلى ما اعتادت كشفه بلا شهوة.
          وهذه الجوازات كلها سارية
طالما الأمن الغرائزي مستتبّ، وقوّات التدخّل الكابحة للمخيّلة الجنسية متأهّبة. وهذا مضمون إلا إذا طالت النظرات دون انقطاع، وترافقت دون انحباس، وخصوصا إذا صحبتها البسمات الكهربائية، والكلمات البتروكيميائية، والصوت الذي يشبه بإيقاعه نغمات الزيزان في موسم التزاوج، وإلا لن يأمن المرء ما يقع في قلبه حينئذ، مما يستلزم الحرمة بالعنون الثانوي. فقد جاء في صحيحة الكاهلي عن أبي عبد الله (عليه السلام): "النظرة بعد النظرة تزرع في القلب الشهوة، وكفى بها لصاحبها فتنة"(30).

هذه الصحيحة دالة على أن الخطر ليس في أصل النظر، وتؤيد ما أوردناه من أن النظرة في نفسها إلى غير العورة جائزة، وإنما الحذر من تتابعها؛ لذا كان من الأفضل أن تكون النظرات متقطِّعة؛ بحيث يُنظر تارة ويُغض أخرى، فلا تثبت العينان على العينين، فإنهما شعلة الاتقاد الأخطر، والسهم الأولج، كما جاء في خبر عقبة بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: "سمعته يقول النظرة سهم من سهام إبليس مسموم، وكم من نظرة أورثت حسرة طويلة"(31). بل الأفضل الأولى غض النظر بالمرة؛ كما جاء عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "نِعْمَ صارف الشهوات غض الأبصار"(32). وقوله (عليه السلام): "من غض طرفه أراح قلبه"(33).

إذًا، النظرة سهم إبليسي مسموم، وهذا النعت لا يقصد به نسبة النظر إليه، فإن الناظر هو الإنسان، وإنما دور الشيطان في ترغيب الناظر للتصويب إلى أماكن الحظر البصري، وتسميمه بإيصال أثر النظر إلى الدم، والعبث بهرموناته. والسهم قد يصيب، وإصابته بمجرد تحريكه الشهوة، وما أسهل تحريكها! وقد يخيب بترك النظر إلى المفاتن، وإمعان النظر فيما يهيج البواطن، فإن كان مما يخيب جاز في نفسه تأييدا لما مر، بَيْدَ أن جوازه لا ينفي خطره، وقابلية انقلابه إلى نظر محرّم يصيب، فيوصل إلى حد الزنا: كما في خبر أبي جميلة المفضل بن صالح، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قالا: "ما من أحد إلا وهو يصيب حظًّا من الزنا، فزنا العينين النظر، وزنا الفم القبلة، وزنا اليدين اللمس، صدّق الفرج ذلك أو كذّب"(34).

أما انقلاب النظر الجائز إلى المحرَّم، فهذا يتوقف تشخيصه على المكلَّف نفسه. فحينما يبدأ بمعاينة تقسيمات الوجه، وشرحة العينين، ورسمة الشفتين، واصطفاف الأسنان... ويشرع البؤبؤ في تصوير شعاعي مغناطيسي، يلحظ فيه الأحجام، والأشكال... يكون ذلك إيذانًا بالانزلاق، وتخطي حما الله وحدوده. فإنْ تدارك الأمر بغض البصر، وإشغال النفس بما يكفّها عن الإلحاح في طلب الحرام، أعقبه الله أجر الصالحين؛ كما ورد في خبر عقبة بن خالد عن أبي عبد الله (عليه السلام): النظرة سهم من سهام إبليس مسموم، من تركها لله (عزّ وجلّ) لا لغيره أعقبه الله أمْنا وإيمانا يجد طعمه"(35). وكذلك عنه (عليه السلام): "من نظر إلى امرأة، فرفع بصره إلى السماء، أو غمض بصره، لم يرتد إليه بصره حتى يزوّجه الله من الحور العين"(36).

أما الإمعان في النظر بعد تجلّي الخطر، وتخطّي النظرة الأولى التي تعني وقوعها العَرَضي أو المفاجئ أو غير المقصود على المحرّم، فهذا هو الحرام الذي لا يأمن صاحبه من العقاب الأليم، كما جاء في خبر ابن عباس، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "من ملأ عينيه من امرأة حراما، حشاهما الله يوم القيامة بمسامير من نار، وحشاهما نارا حتى يقضي بين الناس، ثم يؤمر به إلى النار"(37). ومرسلة الصدوق عن الصادق (عليه السلام): "أول نظرة لك، والثانية عليك لا لك، والثالثة فيها الهلاك"(38).

وبهذا يتضح أن النظر الجائز بين الرجل والمرأة الأجنبيين سواء في علاقة الحب وغيرها، قصدا الزواج أم لا، هو خصوص النظر الاعتيادي الذي يقع على غير العورة من الوجه والكفّين والثياب في المرأة، وما عدا القبل والدبر في الرجل، والذي لا تصحبه الشهوة، ولا استطالة فيه؛ حيث لا يؤمن معها من الفتنة.

   _____________________________________

(1) سورة النور، الآية 31. (2) تفسير القمي ج2، ص101. (3) وسائل الشيعة ج20، ص101. (4) التبيان ج7، ص429. (5) مجمع البيان ج7، ص271. (6) لسان العرب ج8، ص82. (7) لسان العرب ج4، ص257. (8) لسان العرب ج1، ص272-273. (9) لسان العرب ج4، ص16. (10) وسائل الشيعة ج20، ص201. (11) وسائل الشيعة ج12، ص493. (12) وسائل الشيعة ج12، ص494. (13) وسائل الشيعة ج12، ص 495. (14) وسائل الشيعة ج4، ص421. (15) لسان العرب ج8، ص300. (16) سورة النور، الآية 30.( 17) لسان العرب ج7، 197. (18) سورة لقمان، الآية 19. (19) وسائل الشيعة ج20، ص192. (20) وسائل الشيعة ج20، ص308. (21) "العلج الرجل من كفار العجم، والأنثى علجة. والعلج الكافر". لسان العرب ج2، ص326. (22) وسائل الشيعة ج20، ص206. (23) سورة النور، الآية 30. (24) وسائل الشيعة ج1، ص300. (25) وسائل الشيعة ج2، ص35. (26) وسائل الشيعة ج2، ص35. (27) وسائل الشيعة ج20، ص88. (28) وسائل الشيعة ج20، ص88. (29) وسائل الشيعة ج20، ص89. (30) وسائل الشيعة ج20، ص192. (31) وسائل الشيعة ج20، ص191. (32) ميزان الحكمة ج4، ص3289. (33) ميزان الحكمة ج4، ص3289. (34) وسائل الشيعة ج20، ص191. (35) وسائل الشيعة ج20، ص192. (36)  وسائل الشيعة ج20، ص193. (37) وسائل الشيعة ج20، ص195. (38) وسائل الشيعة ج20، ص193.



 
 


الصفحة الرئيسية

د. السيد حسين الحسيني

المؤلفات

أشعار السيد

الخطب والمحاضرات

البحوث الفقهية

البحوث العقائدية

البحوث الأخلاقية

حوارات عقائدية

سؤال واستخارة

فتاوى (عبادات)

فتاوى (معاملات)

سيرة المعصومين

أسماء الله الحسنى

أحكام التلاوة

الأذكار

أدعية وزيارات

الأحداث والمناسبات الإسلامية

     جديد الموقع :



 كَبُرْتُ اليوم

 الاستدلال بآية الوضوء على وجوب مسح الرجلين

 العدالة

 السعادة

 قوى النفس

 البدن والنفس

 تلذُّذ النفس وتألمها

 العبادة البدنية والنفسية

 العلاقة بين الأخلاق والمعرفة

 المَلَكَة

     البحث في الموقع :


  

     ملفات عشوائية :



 التسليم

 الله قادر مختار

 عقيدتنا في الإمام المهدي (عليه السلام)

 المسافة وحد الترخص

 الألعاب والمزاح

 عدة الوفاة

 متفرقات صلاة الجماعة

 دعاء التوسل

 زيارة الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) يوم الثلاثاء

 العبادة البدنية والنفسية

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

Phone : 009613804079      | |      E-mail : dr-s-elhusseini@hotmail.com      | |      www.dr-s-elhusseini.net      | |      www.dr-s-elhusseini.com

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net